Rechercher dans ce blog

dimanche 21 mai 2017

كشف منظومة الفساد السابقة وضرورة اجتثاث سُبُل العودة اليه....

DOUANE FM

21 05 2017




لم يكن كثير من الكلام الذي قاله عماد الطرابلسي صهر الرئيس الاسبق بن علي مفاجئا للكثير من متابعي الشأن السياسي الذين يعرف أغلبهم أن هناك نهبا كبيرا للثروة الوطنية وفسادا تشيب له الولدان، وان كانوا ربما لا يعرفون التفاصيل التي تحدث عنها، لكنهم في المحصّلة كانوا يعرفون أن الفساد كان منظومة محميّة بأعقد القوانين وبأعتى الأجهزة وان الجميع في السلطة وأحوازها كان إما شريكا او تابعا او متستّرا أو راشيا ومرتشيا.

صحيح أن المقابلة مع الطرابلسي قد تكون فاجأت الرأي العام في توقيتها، وتحدث البعض عن توجيهها وجهة معينة على أساس ان بن سدرين قد تكون اختارت ان تعرضها الآن من اجل ان تسدد بها ضربة لقانون المصالحة وتبرز أن «السيستام» لا يمكن اصلاحه بل يجب تفكيكه من خلال آلية العدالة الانتقالية فقط. لكن الاكيد أيضا أن ما جرى من «مونتاج» في الحلقة، من خلال حذف الاسئلة ومن خلال التغطية على بعض الاسماء سواء تصريحا او تلميحا مع فضح أسماء أخرى بما يجعل منها محلّ كثير من التساؤلات ويجعل من خشية توظيفها ضد بعض الاشخاص تحضيرا ربما للتضحية بهم أو التستر على آخرين من اجل غايات أخرى كلها احتمالات واردة في خضم الغموض الذي يلفّ هذا الموضوع وفي ظل تعمّد جميع الاطراف التعاطي معه بحسابات سياسية وليس من منطلق عدالة مطلقة ولا مصالحة خالصة.
وبعيدا ايضا عمّا يعتمل في الكواليس من صراعات بين مناصري العدالة الانتقالية والمتحمّسين للمصالحة الاقتصادية فإنّ الذي لا شك فيه أن هناك تلاعبا في كثير من ملفات الفساد، وهناك أسئلة بديهية يجب ان توجّه وان تجد الاجابة المقنعة:
ـ هل اعترف عماد الطرابلسي بكل هذا لدى القضاء أم انتظر جلسة أول أمس؟ واذا كان قد اعترف من البداية، فلماذا لم يقع جلب من سمّاهم الى القضاء ومحاكمتهم؟ ثم لماذا لا يحاكم على ما قاله، ونجد أنهم يحاكمونه على مسائل أخرى (عامين على استهلاك الزطلة وثمانين سنة على شيكات بدون رصيد رفضت المحكمة استخلاصها من شركاته المصادرة)؟
ـ لماذا يقع فضح أناس على الملإ دون علمهم، وان كان تم اعلامهم فهل أخذ رأيهم في الكشف عن أسمائهم أم لا؟ ولماذا يقع التستّر على اسماء أخرى وما الغرض من ذلك؟
ـ مشكلة الديوانة التونسية وما يعرفه هذا السلك من فساد وما يعشّش داخله من سوء تصرف ونهب للمال العام، ولوبيات تهريب وتجاوزات، هل أصبحت الدولة عاجزة عن حلّ إشكال هذا السلك الهام، خاصة بعد تداول تسع حكومات منذ الثورة الى الان وأكثر من عشرة مديرين على الديوانة دون ان يستطيع أحد تفكيك هذا الاخطبوط الهائل من الفساد؟
ـ من لـمّح لهم عماد الطرابلسي في اعترافاته أمام هيئة الحقيقة والكرامة وقال ان فيهم اليوم وزراء ومسؤولين وانهم يتحدثون باسم الثورة وباسم مكافحة الفساد، اذا كان قد اعترف بذلك منذ البداية أمام حاكم البداية والاستئناف والتعقيب، فلماذا لم يقع عزلهم او سجنهم او محاكمتهم؟ ومن الذي يحميهم ومن الذي مكّنهم من الوصول اليوم، في حكومة الثورة ومكافحة الفساد، الى أعلى المراتب؟
كلها اسئلة تؤدي الى طريق واحدة، هي أن هذا الاخطبوط الفاسد قد تمكّن من مفاصل الدولة ولم يعد أحد قادر على مواجهته وأن كل ما يُقال عن مكافحته ومقاومته والقضاء عليه، يبقى مجرد حديث لا معنى له، بل واستنادا الى ما قاله الطرابلسي فان مسؤولين كثيرين اليوم كانوا سابقا ولا زالوا الى اليوم يمارسون هذا الفساد على مرأى ومسمع من كل أجهزة الدولة دون أن يطالهم أي عقاب او حتى مجرّد تتبع مما يؤشّر الى خطر أكبر، وهو ما ذكر الطرابلسي البعض منه، هو فساد أجهزة الدولة نفسها، وتورط الدولة ككل في المنظومة الفاسدة، أي ما يُعرّفه بعض الناشطين اليوم، بدولة الفساد والإفساد. فهل فعلا دولة فساد بالكامل أم أن هناك نسبية وهناك مبالغات؟
كل المؤشرات، وخاصة بالاستماع الى ما قاله الطرابلسي وما ذكره عن المسؤولين ومن سمّاهم بالاسم ومن لمّح لهم تلميحا ومن قال انهم الآن في أعلى المراتب السياسية إضافة الى الجوقة الإعلامية التي كانت تزيّن النظام وتحولت الان الى الحديث عن أنه كان نظاما وطنيا وأن بن علي رجل دولة غير ذلك من التبريرات التي لا تعدو ان تكون إما لمناكفة خصومهم من الثوريين الذين أعمتهم الشعارات البراقة على متابعة ما يجري اليوم من فساد يناهز ما سبق واما للدفاع عن منظومة لم يكونوا ربما يعلمون أنها الى هذا الحد كانت فاسدة أو ربما ايضا يعلمون ويشاركون ويباركون.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire