Rechercher dans ce blog

samedi 10 juin 2017


منجي الخضراوي : الفساد في الديوانة... متى يفتح الملف؟

 DOUANE FM
10 06 2017

هل كان من الصدفة أن تكون الايقافات الاخيرة التي شملت رجال أعمال مرتبطة بعمليات فساد لها صلة بالديوانة؟ خاصة أنّ رجال الأعمال في تونس يرون أن الديوانة التونسية من أكثر الإدارات فسادا في البلاد
تؤكد كل الدراسات والمقاربات البحثية أن الديوانة التونسية تزخر بكفاءات نوعية ذات قدرات تقاس في مستوى المعايير الدولية ساهمت بشكل فعال في دعم الاقتصاد التونسي ودعم موارد الدولة، الا أن تلك الكفاءات تجد جهدها يضيع وسط منظومة فساد ديوانية مرتبطة بمنظومات فساد أوسع وأشمل منها. 
الديوانة الأكثر فسادا
لقد أبرزت دراسة صادرة سنة 2015 أعدّها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية أن أغلب رجال الاعمال في تونس يعتبرون أنّ الديوانة هي الأكثر فسادا. ونفس الدراسة أثبتت أيضا أن ثلث المؤسسات التي لها معاملات تجارية خارجية طلب منها أعوان ديوانة مبالغ مالية بعنوان رشوة. كما أنّ تقرير دائرة المحاسبات تحدث عن تجاوزات خطيرة تخترق هذا السلك وصرّح عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية والحوكمة المُقَال أنه من بين أسباب اختلافاته مع يوسف الشاهد هي حصوله على ملفات فساد في الديوانة ومع ذلك لم يتم النظر فيها. 
عندما تؤكد الأرقام أن أكثر من 52 بالمائة من الاقتصاد الوطني هو اقتصاد مواز، أي أنه اقتصاد غير خاضع للتصريح القانوني الجزء الأعظم منه هو اقتصاد تهريب. وعندما نتحدث عن التهريب فاننا آليا نتحدث عن الديوانة رغم تداخل ادارات أخرى في الموضوع. 
الاّ أن العين المجردة يمكنها أن تلاحظ بيسر البضائع المهرّبة والمعروضة في كل مكان وسط المدن وفي قلب العاصمة. ولا يعتقد الكثيرون ان الرقابة الديوانية ليست على علم بتلك البضائع بل هي أصبحت جزءا من واجهة المدن. فالبضائع المهرّبة لم تعد تباع في الخفاء مثلما كان سابقا بل أصبحت تباع علنا وأصبح أصحاب تلك الباعة ووسطاؤها يعلنون عن أنفسهم ويخوضون « معارك» طاحنة لتأمين « تزويد» السوق حتى إغراقه حتى تتحول بضائعهم الى أمر واقع غير قابل للتغيير. 
رادس ـ حلق الوادي السر في الميناء
حسب كل الدراسات فإنّ ميناء رادس- حلق الوادي يستأثر بأكثر من سبعين بالمائة من النشاط التجاري الخارجي وهناك من يعتبر أن النسبة الحقيقية تفوق ثمانين بالمائة، مما يعني أن المشاكل الديوانية الأكبر تتم هناك، اذ الغريب في هذا الميناء مثلا أنّ الشخص المسؤول عن السكانار هو نفس الشخص الذي واصل بعد الثورة رغم الاتهامات الكبيرة للديوانة بالفساد بسبب آلة السكانار التي تتعطل في حالات وتصبح لها قدرات عجيبة في حالات أخرى، وفضلا عن السكانار فان قضيّة الحاويات وطرق تهريبها وسرقتها تثير أكثر من اشكال. ففي خلال فترة الثورة احتج عدد من المهربين أمام الميناء للمطالبة بالحلويات العالقة والتي دخلت بأسماء من عائلة الطرابلسية اذ قالوا ان البضاعة ملك لهم والطرابلسية ليسوا الا واجهة. وتم اثر ذلك تشكيل لجنة شارك في عضويتها المهربون وتقرر تحويل أرقام الحاويات ورموزها الى عدد من المهربين الذين ادعوا ملكيتها. 
أما الحاويات الأخرى فلقد تم احداث مستودعات ديوانية خارج العاصمة بعدد من الولايات نظرا الى ما قيل إنه بسبب ضيق الميناء، رغم تشييد قاعة رياضة به. ويتم اخراج الحاوية من الميناء في اتجاه المستودع وفي الطريق يتم تغييرها بحاوية أخرى فيما يتم تدارك الحاوية الأصلية وتحويل وجهتها نحو مستودع المهرب. وهي عملية معروفة لدى الديوانة باسم « النطرة». 
نظام القبول المؤقت للسلع
وتتم مثل هذه العمليات بشكل متواصل، اضافة الى التصريح ببضائع غير البضائع التي تحتويها الحاوية ويتم اخراجها ثم يقال لاحقا انه تمت معاقبة بعض الأعوان أو أحدهم. وهي عملية أكبر من أن يقوم بها مجرد عون بسيط لأنّ شحن حاوية وتحويلها من مكانها ثم تركيبها على الشاحنة واخراجها من الميناء تتطلب جهدا ووقتا ومراقبة لا يمكن تجاوزها إطلاقا، اذ أننا لسنا بصدد شيء صغير بل بصدد حاوية تزن عشرات الأطنان. 
مع الاشارة الى أنّ 27 بالمائة من قيمة الواردات التونسية يتم قبولها تحت نظام القبول المؤقت للسلع وهو نظام يمكن من توقيف العمل الكلي أوالجزئي للمعاليم والأداءات الديوانية عند التوريد لبضائع معدة للتصدير من جديد. 
اذن نحن أمام آليات تمكن اصحاب المال المعنيين بالتأويلات من تهريبها أو تخليصها من رقابة الديوانة بأخف الأضرار مثل الرشوة أو سرقة الحاويات وتحويل وجهتها أو التدليس والتصريح الخاطئ بنوعية البضائع وكمياتها، ويهم هنا تهريب السلع التي توظف عليها اداءات كبيرة.
عماد الطرابلسي وشهادة إضافية
لذلك يتم استعمال سلطة المال أو سلطة السياسة للتمكن من تحييد الديوانة عند ادخال بضائع من الخارج سواء كانت ممنوعة أو يجري السعي الى تهريبها، قد كشف عماد الطرابلسي صهر الرئيس المخلوع بن علي في التسجيل الذي تم بثه من خلال جلسة الاستماع اليه من قبل هيئة الحقيقة والكرامة أن احد الأشخاص اتصل به سنة 2004 ليساعده على التخلص من ادعاءات وخطايا ديوانية ضخمة فاتصل بعمته ليلى الطرابلسي التي تدخلت وتمت اقالة المدير العام للديوانة وقد كشف عماد الطرابلسي عن حجم الفساد في الديوانة وتحدث عن أساليب وطرق التهريب سواء للسلع أو الأموال وعن الرشاوى التي كان يتم تقديمها لكوادر ديوانية مقابل تسهيل مهامه وتحدث عن سعر كل اطار ديواني وسعر كل عملية. وهي نفس الممارسات التي استمرت بعد الثورة وتواصلت الى اليوم. وتشمل المواد والبضائع التي يتم تمريرها عبر الديوانة أساسا المنتجات الفلاحية والصناعات الغذائية ومنتجات الطاقة والمحروقات ومنتجات الصناعات المنجمية والفسفاطية ومشتقاتها ومنتجات النسيج والملابس والجلد ومنتجات الصناعات الميكانيكية والكهربائية وآليات النقل والصناعات الميكانيكية والصناعات الكهربائية، فيما تضم المواد التي يتم تهريبها أساسا السجائر والمعسل وألعاب الاطفال والمواد البترولية وأدوات الاستعمال اليومي وحتى الأدوية والمواد المدرسية والنحاس ... اضافة الى السلاح بالنسبة الى المهربين المرتبطين عضويا بالارهاب. 
تغيير منظومة سندة الديوانية
ومن المعلوم أيضا أن المنظومة الديوانية المعروفة باسم « سندة» والتي يتم استعمالها منذ سنوات ، تم استغلالها في القيام بعمليات تهريب وفي عمليات فساد وادخال بضائع بشكل مخالف للقانون وتحولت هذه المنظومة في حدّ ذاتها الى عنصر أساسي من عناصر الفساد وتبديد المال العام حتى أنّ وزير المالية بالنيابة وهو وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي محمد الفاضل عبد الكافي قال خلال الاستماع اليه في البرلمان إنه سيتم التخلي عن منظومة « سندة» وتعويضها بمنظومة جديدة متطورة ومتطابقة مع المعايير الدولية في غضون الأربعة أشهر القادمة. 
لقد بلغ معدل عدد التصاريح الديوانية ما يفوق 1,3 مليون تصريح خلال الفترة من 2010 الى 2013. وبلغ حجم المواد المحصلة بعنوان الاداء والمعالم الديوانية في سنة 2013 ما قيمته 3.976 مليون دينار وارتفعت بقايا الإيرادات غير المستخلصة في موفى 2013 حوالي 4.000 مليون دينار وتم خلال نفس السنة تحرير 4803 محاضر من قبل مصالح الحرس الديواني بقيمة تناهز 307 مليون دينار. 
خسائر بمليارات الدينارات
وجاء في تقرير دائرة المحاسبات الذي أصدرته دائرة المحاسبات أن معّدل عدد التصاريح الديوانية بلغ ما يفوق 1,3 مليون تصريح خلال الفترة من 2010 الى 2013. وبلغ حجم المواد المحصلة بعنوان الاداء والمعالم الديوانية في سنة 2013 ما قيمته 3.976 مليون دينار وارتفعت بقايا الإيرادات غير المستخلصة في موفى 2013 حوالي 4.000 مليون دينار وتم خلال نفس السنة تحرير 4803 محاضر من قبل مصالح الحرس الديواني بقيمة تناهز 307 ملايين دينار. وتمحور تقرير دائرة المحاسبات أساسا حول التصرف في الانظمة الديوانية الاقتصادية والايداع والحجز ومقاومة الغش والتهريب والنزاعات والاستخلاص وكذلك التنظيم ونظام المعلومات. وقد غطت اعمال الدائرة الفترة الممتدة من 2010 الى شهر جوان 2014 وتوصلت دائرة المحاسبات في تقريرها الى ان نقص الرقابة على انظمة الديوانة ساهم في الحد من نجاعتها 
من ذلك أّن قيمة التصاريح غير المساواة بعنوان نظام التحويل الفعّال للفترة الممتدة من 2013 الى غاية شهر أفريل 2014 ارتفعت الى 1137مليون دينار أي ما يعادل حوالي قيمة الصادرات بعنوان هذا النظام لسنة كاملة 
ورغم ان النظام الديواني يستوجب تصدير 30 بالمائة من الملابس المستعملة بعد استيرادها الا أن دائرة المحاسبات توصلت الى ان نسبة التصدير بعد الفرز لا تتجاوز 9,5 بالمائة فقط والمثير أيضا ان ديون الادارة العام للديوانة المثقلة تجاوزت أربعة الاف مليار من المليمات التونسية وتسبب عدم الالتزام بالاجراءات والمعايير الواجبة قانونيا ومهنيا في تفويت قيمة ربحية تفوق خمسة الاف مليار على الدولة التونسية. 
فساد هيكلي
كل المؤشرات تؤكد ان الفساد في الديوانة بلغ مراحل متطورة وفي العديد من الحالات أصبح حالة بنيوية تنخر العناصر والعلاقات القائمة بينها، وهو ما أوجد حالة من الممارسة التي ورّطت بعض الاطارات الديوانية والأعوان ولكن القيادات الكبرى لا تطالها المساءلة، رغم أن كل الدراسات تؤكد على القدرات الكيفية التي اكتسبها اعوان وإطارات الديوانة خاصة في مكافحة التهريب والتصدي للغش والتصدي لعصابات التهريب والسرقة، واستطاعت خاصة خلال السنوات الاخيرة من تطهير قطاع الفساد الى درجات خطيرة ومتطورة، الا انه أمام التأكيدات الصادرة عن العديد من الشخصيات أو التصريحات الصادرة عن بعض المشتبه بهم من رجال الاعمال التي تعلقت بهم شبهات فساد فان العديد من الخبراء والمتابعين يتوقعون أن تطال حملة إيقاف رجال الاعمال الفاسدين سلك الديوانة أيضا وهو ما يدعمه عدد مهم من أعوان الديوانة أنفسهم الراغبين في اصلاح مهنتهم وتطويرها وتطهيرها. 
ولكن ما يمكن قوله عموما إن عددا كبيرا من رجال الأعمال تتقاطع مصالحهم ضمن مجالات الديوانة وقد أكدت احدى الدراسات أن قرابة الثلث منهم يضطرون الى الرشوة لتشكل بذلك المنظومة الديوانية على شاكلتها الحالية أخطبوطا تتقاطع فيه مصالح الفساد والقائمين عليه. 
 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire